Thursday, June 28, 2012

بقلم اسعاد يونس


• من حقي كمواطنة أن أرسل رسالة الي السيد الرئيس المدني المنتخب قبل ان يصبح رئيسا للجمهورية بيوم واحد و قبل أن أدخل في الصمت الرئاسي الذى فرضته علي نفسي لمدة مائة يوم..

• السيد الرئيس.. أعلم أنه قد وُجهت إليك مئات الرسائل.. وربما الآلاف.. تبارك لك و تحذرك و تهددك بأن العين مفنجلة و الحسّابة بتحسب.. كل واحد أراد أن يذكرك بأن فوزك لم يكن ساحقا ماحقا مكتسحا.. ولكنه كان بفارق عدد هزيل من الأصوات التي للحقيقة لا يمكن احتسابها إلا من واقع أنها أيدتك عندا في آخرين و نكاية بهم كما كان الحال علي الجانب الآخر.. و أن عددا يتجاوز الخمسة ملايين مصوت ليسوا من فصيل الاسلاميين و لكنهم من المصوتين المدنيين الثوريين الليبراليين الذين يصدقون تأكيداتك علي الدولة المدنية.. و أنهم أعلنوا أنهم سيضعوا بطاقات انتخابهم في الصندوق ليخرجوا من اللجنة متوجهين مباشرة إلي صفوف المعارضة.. ولكنهم في النهاية ساهموا في وصولك للكرسي.. و إذا لم يرضوا عن الأداء سيكونوا أول من سيقف ضدك..

• و أنا لا أود أن أضيف إليهم تهديدا أو وعيدا.. فقد زاد الأمر عن حده و تحول من وجهة نظرى إلي نوع من التحرش الكريه برجل بدا في خطابه الأول طيبا مسالما ساعيا لرضاء الناس.. ذكر من ذكر و غفل من غفل.. ليست هذه القضية.. فالرسالة في مجملها واضحة.. أن أعطوني الفرصة فأنا ليست بخيركم.. و لكني سأحاول قدر جهدي..

• وعليه فإنني أنضم لهؤلاء الصامتين المراقبين منذ الآن.. ولا تعليق لي علي أدائكم حتى نلتقي بعد المائة يوم.. إلا أنني

• أتمني منكم و عليكم أن تبددوا حالة الكآبة و الرعب و الحزن الذى حل بكل المصريين قاطبة عدا هؤلاء الذين يناصرون مذهبك الإخواني أو السلفي والذين مثّلوا ربع الأصوات الناخبة فقط.. فلا أخفيك سيدي الرئيس أن لحظة إعلان النتيجة مثلما ارتبطت بصرخة الفرحة التي خرجت من التحرير ارتبطت في ذات اللحظة بصرخة ذعر على كل الجوانب الأخرى.. وهى الأغلبية في هذا البلد.. و منذ هذه اللحظة و هؤلاء الحزاني يعيشون في كابوس مخيف.. حسرة على البلد و ما وصلت إليه من عبث و فوضي.. حسرة على الماضي الجميل في بعض أجزائه و القبيح في أجزاء أخرى علي مدي ثلاثين عاما.. والذى عندما قمنا بالثورة كنا طامعين في تغيير القبيح منه إلي الأفضل.. إلا أن كل شئ ذهب.. جميله و قبيحه.. و بتنا في بلد فقدت كل مميزاتها و جمالياتها و حضارتها و اقتصادها.. و تماسكها.. كأن هذه الثورة كانت مجرد حلم جميل انتهي بفعل اليقظة على واقع أليم قبيح متخلف.. لم يبقي منها إلا من يهتف هنا و يصخب هناك كأضغاث الأحلام و ذكراها.. أما الباقي فحصيلته مواطن مهزوز لا يدرى بأى أرض يموت.. يتجول في الطرقات جائعا باحثا عن أى جسد ينشب فيه أظافره و يغرس فيه أنيابه.. أصبحنا شعب لعابه دم و أنفاسه فحيح و حنجرته مبحوحة من العواء.. فإذا ما فقدت ذاكرته ملامح الماضي و نظر أمامه.. لا يشعر إلا بالخوف و عدم الأمان.. يساهم في هذا بشدة بعض من ذلك الجمع الذى يحيط بك.. و الذى يعتقد أنه بنجاحك في الانتخابات أصبح كل فرد فيه رئيس جمهورية مصر و مالك مفاتيح إدارتها.. و خرج يصرّح ويخطب و يدلي ببيانات.. ويقضي نهاره و ليله دائرا سائحا من منصة لأخرى و من برنامج لآخر.. يلقون بقذائف صغيرة من الارهاب الفكرى اذا جمعتها كونت قنبلة نووية تعصف بالبلد.. و يلعنون الاعلام فى كل كتاب و هم وقوده الأول و الأخير.. يجلسون إلي المضيف ليشكروه بكل التقدير و الاحترام مؤكدين انه لولا نزاهته الاعلامية ما وافقوا على الظهور معه و يلعنوا الباقين.. ثم بعد ربع ساعة تجدهم فى البرنامج الذى تم لعنه منذ دقائق لتتكرر مظاهرة الاحترام و التقدير و هكذا..

• و إذا سألت أحدهم بأى صفة تصرح و تقول هذا؟؟.. تقفز إلي ذاكرتك سعاد حسني و هي تغني أغنية " خالى البيه ".. فكلهم يشعر أنه السبب في وصولك و كأنه ولي أمرك و المسئول عنك و المتحدث بإسمك..

• يساهم أيضا في هذا الذعر شعور الجموع الرافضة لتيارك بأن هذه النتيجة تسببت في نشر نوع متجدد من الارهاب في الشارع وأعطت فصيلا بعينه الجرأة على التعدي علي الناس و تهديدهم بصفتهم أصبحوا أعضاء في الفصيل الحاكم.. خلط آخر للمفاهيم وفوضي يعضدها غياب الوعي و الأمن مرة أخري.. و عدم وجود قوانين رادعة للتحرش العنصري و التعدي اللفظي و الجسدي.. مما بدأ يحفز الناس علي الرد بالمثل دفاعا عن أنفسهم حيث لا ملجأ لهم إلا ذلك و يهدد بحرب شوارع تعيد إلينا سمات الفوضي التي كنا على وشك التخلص منها و الاحساس بالأمان..

• أضف إلي ذلك شعور الناس بأن تشكيل الوزارة الجديدة سيتم بنفس منهج المغالبة و عدم اختيار الكوادر الحقيقية دون النظر في توجهها السياسي او العقائدي.. وإعطاء الوعود للأحزاب بأن هذا له حقيبتان و ذاك أربع حقائب و كأنها تركة مرة أخري.. وقلق العامة الشديد على وزارة الداخلية مثلا.. تخوفا من إدارتها بمنطق انتقائي انتقامي لن تنزل عصاه إلا علي أبدان البشر.. وهنا سيكون الخلاف شديدا و الصدام متوقعا..

• و حيث أنك صرت مصريا خالصا.. تنتمي لحزب سياسي ولا ترأسه.. ولا تنتمي لجماعة اسلامية غير معلنة ولم يعد لها سلطان عليك.. فبيدك سيدى أن تحجم هؤلاء الذين لا يفعلون أكثر من الإساءة إليك.. فالتهديد مثلا بنتف ريش من لم يؤيدوك هو عبث لا يقدم ولا يؤخر و لا يفعل أكثر من الإساءة إليك و حشد روح الكراهية من جديد.. و التصريح بأن معارضيك يمكنهم أن يذهبوا طلقاء أحرار يشي بأن من أطلقه كان ينوى اعتقال و حبس اثني عشر مليون ناخب صوتوا لغيرك!!.. و ظهور ألف مندوب عنك فى البرامج هو عبث من نوع آخر.. نحن لا ترأسنا جمعية تعاونية.. نحن يرأسنا رئيس واحد الآن.. و اذا كنا نحن معارضيك بجموع الأغلبية الحقيقية التي ذكرتها نجمع أنفسنا حاليا لمؤازرتك و إعطائك الفرصة لكي تعمل في هدوء.. فإن من سيعكر هذا الصفو هم هؤلاء الاتباع.. نحن نريد فقط ان نستعيد بلدنا التي فقدناها كما كانت و هو أضعف الإيمان.. و نرفض بكل شدة ان نترحم على المخلوع حتى لو كانت الظواهر توحي بذلك.. فقد كانت الثورة قرارنا منذ اليوم الأول وحتى النهاية.. انضم من انضم اليها.. ولحق بقطارها من لحق.. هى عقيدتنا و هدفنا و مستقبل اولادنا..

• أعانك الله يا سيدى على مهمتك الثقيلة.. فإن أحسنت نحن لك قلبا و قالبا.. و إن لم تحب مصر الوطن العظيم و تنحاز إليه و تجعله تاجا على رأس الدنيا وماسة ترصع مدنيتها.. كان لنا معك حديث آخر.. ربنا معاك..

إسعاد يونس

No comments:

Post a Comment